قتلوه يوم عيد ميلاده.. بهذه الكلمات الحزينة المرة المتساقطة مع دمع والدته ، حكت لنا ام ابراهيم ، كيف رحل ابنها ، ابراهيم ذو الاربع سنوات ، يوم عيد ميلاده ، حين ذهب ووالده ليشتري قالب الحلوى ، من اجل ان يحتفل بعيد ميلاده.
برغم ، كل ما قيل وما يقال عن حوادث السير ، الا اننا بلا ذاكرة ، فما ان نخرج ، من مأساة لطفل حتى تحل اخرى ، وما زال من يقودون سياراتهم ، بذاك الطيش والجهل ، يواصلون ذات الاسلوب ، فقد خرج ابراهيم ووالده ظهر الخميس الماضي ، لشراء الحلوى والالعاب ، بمناسبة عيد ميلاد الطفل الذي صادف ذات يوم ، وعند عودتهم الى منزلهم ، في ام السماق الجنوبي ، وفيما كان الاب والى يمينه الطفل الطاهر الملاك المجلل بعطف السماء ، ينزلان من السيارة في ساحة ترابية بعيدة عن الشارع ، حتى كانت الصاعقة ، حين جاءت سيارة سياحية يسوقها بصورة جنونية ، احدهم ، ليفقد السيطرة على السيارة ويصطدم بالاب ، ثم يصطدم بالملاك الطاهر ، فيطير من موقعه اثني عشر مترا ، حتى وصل سور حديقة الجيران ، والحلوى غرقت بدم طفولته المنساب امام هذا الجهل والطيش اللذين ادانهما جلالة الملك وجلالة الملكة ، وكل مسؤول ، الف مرة ، مرت لحظات ، حاول الاب الوقوف ، لم يستطع.. صرخ بأعلى صوته... وين الولد وين الولد ، حتى دمعت السماء لاجله ، سمعت الام صوت الحادث وجاءت تركض تبحث عن ابنها ، وجدته بعيدا مهشما غارقا في الدم ، والعابه منثورة في التراب الممزوج بالدم ، وجدته بين الحياة والموت ، حملوه الى المستشفى حيث فارق الحياة ، تاركا يوم ميلاده ، وتاركا شموعه والعابه وحلوى العيد ، بعد ان غرقت في الظلمة كل الدنيا ، امام هذه المأساة.
اليوم ، يرقد الاب في المستشفى ، وجنازة الطفل الصغير اليوم ، وحول الاب والام المئات من الاقارب ، والغضب في عيونهم ، والدموع تتساقط وكأنها عودة للشتاء قبل وقته ، وهم يسألون من يتحمل مسؤولية هذه الحوادث ، من يتحمل مسؤولية قتل هذا الطفل الطاهر البريء ، من يتحمل ان يفقد الاب والام ، وحيدهم وتبقى امه تبحث عنه في الصور والذكريات.. هنا اكل وهنا جلس ، هنا ضحك ، وهنا بكى.. هنا كان ابراهيم ، هنا كان ابراهيم ، يرقد والده في المستشفى وقد تكسرت ساقاه ، وهو يقول.. الى متى سيقتلون اطفالنا ، ويصبح بديل الروح "فنجان قهوة" ويعود كل سائق الى عاداته ، الى متى سيقتلون اطفالنا.. وهل بوسعي اليوم ان اسامح بروح ابراهيم؟ يسأل الاب ، معبرا عن دم ابراهيم ، لن ينسوه ابدا ، مهما حدث ومهما صار.. ابراهيم الطفل الطاهر البريء ، جنازته اليوم ، يرحل عنا ، ووالده ووالدته ، يبحثون عن وحيدهم فلا يجدوه ، ولعل السؤال.. الى متى هذه الجرائم التي تسمى حوادث السير؟ الى متى هدر الارواح وخراب البيوت ، ومن يجبر اليوم روح الام التي تبدد ضياؤها ، وروح الاب ، التي ما زالت تبحث عن ابراهيم. سؤال برسم الاجابة لدى اصحاب القرار.